السياسة العسكرية الفرنسية تجاه مالي: الخلفيات والأهداف
الكلمات المفتاحية:
فرنسا، مالي، السياسة العسكرية، التدخل العسكري، منطقة الساحل الأفريقيالملخص
تهدف هذه الدراسة إلى إبراز السياسة العسكرية الفرنسية في مالي، إذ يعتبر الوجود الفرنسي في القارة الأفريقية بصفة عامة وفي منطقة الساحل الأفريقي بصفة خاصة قديم إذ يرجع إلى العهود الاستعمارية حينما كانت فرنسا تسيطر على مناطق عديدة في القارة، وبعد إعلان استقلال دول هذه الأخيرة بقيت مرتبطة بالكيان الفرنسي من خلال اتفاقيات أمنية أبقت على الارتباط بين فرنسا ودول عديدة في إفريقيا سمحت لها بالتدخل في شؤونها الداخلية وفقا لمجموعة من الأليات تمكنها من أن تنفذ سياستها الأمنية فيها وتعتبر فرنسا صاحبة التجربة الاستعمارية لجل دول منطقة الساحل الإفريقي، ولذلك فهي تعتبر هذه الأخيرة منطقة نفوذ تقليدي بامتياز، حيث تنظر فرنسا إلى منطقة الساحل كمنطقة نفوذ جيوسياسي تمارس التأثير فيها من خلال العلاقات مع أنظمة تلك البلدان أو مع حركات سياسية محددة، وذلك في إطار ما اصطلح عليه ب سياسة ''فرنسا- إفريقيا''، ولا أدل على ذلك من التدخل العسكري في الأزمة المالية منذ اندلاعها، وكانت صاحبة الدور الرئيسي في تدويل الأزمة، واستصدار ثلاث قرارات من مجلس الأمن مهدوا لها الطريق لتدخل عسكري في شمال مالي لاحقا هذه السياسة عرفت تطورا كبيرا بعد الحرب الباردة حيث تم إدراج أليات تقوم على مفهوم تحقيق الأمن الإنساني ومساعدة الدول الفاشلة على النهوض بنفسها. إلا ان هذه السياسة تبقى مجرد خطابات تسوقها إدارات صناعة القرار الفرنسي لتبرير وجودها بإفريقيا وتكمن الميزة الإستراتيجية لإفريقيا وخاصة الساحل الإفريقي التي تعدها فرنسا كمنطقة نفوذ لها في موقعها الجغرافي والجيوبولتيكي فهي تطل على كل من المحيط الأطلسي الذي لعب دورا محددا في توازن القوى العظمى وذلك من خلال إستراتيجية الردع المتبادل إن تمسك فرنسا بهذه المنطقة واتخاذها منطلقا من أهم منطلقات الارتكاز لإستراتيجيتها الشاملة لمواجهة الدول الكبرى في عالم الجنوب سبيلا للحصول على مزيد من الثروات وتأمين الأسواق وحماية مصالحها في أفريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي خاصة، قد أدى إلى تأجيج ظاهرة التنافس والصراع حول منطقة الساحل الأفريقي التي تعد محط أنظار القوى الكبرى كما أدى ذلك إلى بروز قوى فاعلة أخرى تطمح لبسط نفوذها وتأمين مصالحها كذلك في هذه المنطقة (الدور الصيني، الدور الروسي وهنا سيتم التركيز على التدخل العسكري الفرنسي في مالي الذي جاء تحت ذرائع عديدة وفي معظمها ذرائع سياسية أكثر منها قانونية مثل وقف تهديدات الجماعات المتطرفة في مالي أو القضاء عليها كليا في منطقة الساحل وبلاد المغرب العربي , واستنجاد الحكومة المالية بفرنسا لحمايتها من الهجوم عليها من طرف هذه الجماعات , ووجود دواعي إستراتيجية لدى الدولة الفرنسية ودول منطقة الساحل والمتمثلة في عدم إعطاء الفرصة للجماعات المتطرفة للاستيلاء على ثروات المنطقة (يورانيوم –نفط-ذهب) أو منع فرنسا أو دول الساحل من استغلالهم, ثم ذريعة التدخل لحماية المدنيين من خطر الجماعات المتطرفة وكل هذا انطلاقا من قرار مجلس الأمن رقم 2085 المستند على المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة رغم هذه الذرائع يبقى التدخل العسكري الفرنسي في مالي محل تساؤل حول مدى شرعيته وأهدافه .