ثنائية العلاقة بين الصورة الفنية والشعر: دراسة نظرية
الكلمات المفتاحية:
الصورة الفنية، الشعر، النقد الأدبي، التطور الدلالي، العلاقة بين الصورة والشعرالملخص
يهدف هذا البحث إلى دراسة العلاقة بين الصورة الفنية والشعر، إذ تُعدّ الصورة الفنية من أهم العناصر التي أولاها النقاد والمشتغلون بفن الشعر اهتمامًا كبيرًا، نظرًا لأهميتها في النقد والمفاضلة بين نتاج شاعر وآخر.
ويُعد مصطلح "الصورة" مصطلحًا قديمًا له جذور ضاربة في عمق الثقافة اليونانية، حيث تناول أرسطو مفهوم الصورة في كتابه "فن الشعر"، ثم تتابعت دراسات النقاد لهذا المصطلح بالنقد والتحليل، كما هو الحال عند حازم القرطاجني وغيره، مما أثار جدلًا واسعًا حول ماهية الصورة ومدى علاقتها بالشعر. وقد أسفر هذا الجدل عن ظهور دراسات متعددة سعت إلى تقديم تعريف جامع للصورة، وبيان مدى صلتها بالقصيدة الشعرية، واستكشاف تطور دلالاتها عبر العصور.
وقد دفعت هذه الأسباب مجتمعة الباحث إلى خوض غمار دراسة هذا المصطلح، واستقصاء أبعاده، في محاولة للوقوف على تصور واضح ومتوازن في هذا المجال.
اعتمد البحث المنهج الاستقرائي الاستنباطي في تتبع آراء النقاد القدامى والمعاصرين؛ إذ إن طبيعة هذا النوع من الدراسات تتطلب مثل هذه المناهج، حيث تُستنبط تعريفات الصورة غالبًا من كلام النقاد بعد استقرائه وتتبع آرائهم، كما هو الحال عند الجاحظ في حديثه عن قضية اللفظ والمعنى، ومن سار على نهجه. كما يُناسب هذا المنهج دراسة عناصر الصورة ومكوناتها والعوامل المساعدة على تولدها، لما يتيحه من جمع وتتبع ثم استنباط النتائج من ذلك.
ومن أبرز النتائج التي توصل إليها البحث أن المفهوم الأول للصورة كان محصورًا في المعاني الذهنية لدى عدد من النقاد والأدباء، كالجاحظ ومن تبعه، ثم تطور هذا المفهوم على يد عبد القاهر الجرجاني الذي جمع بين الجانب العقلي والحسي، مقدّمًا تعريفًا شاملًا مستفيدًا من آراء من سبقه في هذا المصطلح. كما أظهر البحث وجود علاقة وثيقة بين الصورة الفنية والشعر، إذ لا قيمة للشعر إذا خلت منه الصورة، فالوزن وحده لا يكفي، وهو ما ذهب إليه أرسطو وتبعه في ذلك حازم القرطاجني.
كما توصل البحث إلى أن مفهوم الصورة قد اتسع في العصر الحديث وتطورت دلالاته، فلم يعد مقتصرًا على الجانبين الحسي والعقلي، بل تجاوز ذلك ليشمل كل ما يُعد عنصرًا من عناصر الشعر، بدءًا من اللفظ والمعنى، وصولًا إلى الرمز والإشارة، وغير ذلك من النتائج التي وردت مفصلة في مواضعها من هذا البحث.