التنشئة الأسرية في الأحياء متعددة الثقافات وعلاقتها بالسلوك المنحرف لدى الأبناء: دراسة ميدانية في الأحياء الهامشية المختلطة بين المواطنين والمهاجرين الأفارقة بمدينة أوباري
الكلمات المفتاحية:
التنشئة الاسرية، الاحياء المختلطة بالمواطنين والمهاجرين، السلوك المنحرفالملخص
تشهد العديد من المدن الليبية في الفترة الراهنة، وخصوصًا الواقعة في الجنوب، تحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية متسارعة، نتيجة للهجرة غير النظامية المتزايدة عبر الصحراء. وتُعد مدينة أوباري من أبرز هذه المدن، حيث أصبحت محطّة عبور واستقرار مؤقت للعديد من المهاجرين الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء الكبرى، مما أدى إلى نشوء أحياء سكنية مختلطة، يقطنها المواطنون إلى جانب المهاجرين في ظروف معيشية صعبة.
وتتمركز هذه الأحياء في أطراف المدينة، حيث تغيب في كثير من الأحيان الخدمات الأساسية والبنية التحتية، وتضعف الرقابة الأمنية والاجتماعية، ما يجعلها بيئة هشة ومعرّضة لظهور مشكلات اجتماعية وسلوكية معقدة، أبرزها ارتفاع معدلات الجريمة، وتراجع منظومة القيم، وتزايد مظاهر الفوضى. حيت تعد الأحياء المختلطة بالمواطنين والمهاجرين بيئات اجتماعية معقدة، تتقاطع فيها ثقافات وأساليب تربوية متعددة. وإذ كانت الأسرة من خلال دورها، كأهم وسيط من وسائط التنشئة تسهم في تشكيل سلوك الأبناء، فأنه لا يمكن انكار دور المناخ الاجتماعي الذي تعيش فيه الأسرة سواء أكان مجتمعا صغيرا أو مجاورة سكنية وما يتسم به من بعض الصفات والخصائص والثقافة الفرعية التي تميزه عن غيره من سائر المجتمعات، والتي يكون لها – في اعتقاد الباحث – أن تأثيرها لا يقل أهمية عن دور الأسرة على افرادها
وعليه فان سكان الاحياء الهامشية وان كانوا خليطا غير متجانس الا أنهم يتسمون ببعض الخصائص التي لا تتواجد في احياء أخرى، وقد أدى ذلك إلى اتسامها بالعديد من الثقافات والعادات المتنوعة، الامر الذي قد ينتج عنه ظهور العديد من أساليب التنشئة التي تتبعها الأسرة في تنشئة الأبناء في تلك الاحياء، يضاف إلى ذلك أن هذه الاحياء تعتبر مناخا جيداً لتنامى البؤر الاجرامية والانحرافات بمختلف أشكالها .