ضوابط العمل بالحديث الصحيح

الملخص

   من المعلوم أن اختلاف العلماء واقع قائم إلى يوم القيامة، حتى في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- اختلف الصحابة - رضي الله عنهم - عنده، وكان يُقر أعمال المختلفين دون أن يُنكر عليهم أو يخطئ أحدًا منهم، وكان هذا إقرارًا ضمنيًا من النبي- صلى الله عليه وسلم-  بمشروعية الاختلاف وتأكيدًا على آدابه.

وما دام الاختلاف قائمًا على منهج شرعي صحيح، فعلى كل فرد أن يعمل بما يراه صوابًا، مع عذر الآخرين في اختلافهم، وهذا هو النهج الذي سارت عليه الأجيال الصالحة في القرون المفضلة -رضي الله عنها-، فلم يكن اختلاف الآراء في عصرهم سببًا لقطع أواصر الأخوة والمحبة، بل كان يُنظر إليه على أنه إسهام في الفهم الجماعي وإثراء التراث الفقهي الإسلامي، وفي ظلّ الانقسامات التي نشهدها اليوم في السياق الليبي، والتي تتجاوز أحيانًا حدود الخلاف المقبول وآدابه، ظنّ البعض أن صحة الحديث وحده كافية للاحتجاج به، فانتقدوا من لم يعمل ببعض الروايات الصحيحة.

ويهدف هذا البحث المتواضع إلى توضيح أن هناك شروطا وضوابطا مهمة يجب مراعاتها قبل العمل بالحديث، وأن الصحة وحدها لا تكفي، ولذلك تناول الباحث عددًا من هذه الضوابط، وبينها بأمثلة

عملية من قضايا معاصرة شهدت خلافًا علميًا كبيرًا.

ويخلص الباحث إلى أن صحة الحديث لا تكفي في حد ذاتها للاحتجاج به أو العمل به، فلم يستبعد العلماء بعض الروايات الصحيحة لمجرد التمسك بمذاهبهم أو آرائهم الشخصية، بل لأسباب وجيهة

أخرجتها عن نطاق التطبيق العملي.

والله ولي التوفيق.