جريمة التشرد في التشريع الليبي دراسة تحليلية في ضوء القانون رقم (1) لسنة 1955 بشأن المتشردين والمشتبه في امرهم

Abstract

   تناولت هذه الدراسة موضوعاً شائكاً، ألا وهو جريمة التشرد ، فعلى الرغم من اعتبار الحكومات المتمدينة أن لمسألة الأمن العام ارتباطاً كبيراً بما تحتويه بلادها من العاطلين والمجرمين، وعلى الرغم من إقامتها للنظم العديدة والقوانين القاسية الشديدة إلا أنها لم تصل بها إلى درجة تسمو بها إلى الاعتبار و التقدير، إذا لا يزال موضوع التشرد والإجرام الناجم عنهما شغلاً شاغلاً لبال الحكومات في الأمم المنظمة، كما يشغل بال فقهاء القانون فهي مشكلة من المشاكل التي لم تصل إلى حلها بالعقوبات الزواجر أي أمة من الأمم حلاً نهائياً حاسماً ، فبحسبك أن ترى ما تتسبب به هذه الطوائف، من ضرر سواءً كان حالاً أو مستقبلاً مما يجعل العناية بالبحث في وسائل استئصال ومعالجة أسباب التشرد واسعة النطاق ودقيقة ومتصلة، وبحسبك كذلك أن ترى اهتمام الحكومات والدول المتقدمة بهذه الظواهر بحيث تعقد المؤتمرات الدولية خصيصاً لبحثها وإيجاد الوسائل اللازمة لمعالجتها، بحيث لا تقوم على مجرد التقنين بل على التعمق في البحث والإمعان في الاستقراء للأسباب والدوافع لها، لأنها ليست شراً محلياً لأمة من الأمم ولكنها شر عالمي مخيف يتهدد السلام العام في كيانه ،إذا لم تكن ليبيا وحدها من خصها الله بطائفة المجرمين والمتشردين ووضعت موضع البحث فيها ، بل إن أغلب الدول في العالم كثيراً ما كافحت هذا الداء الوبيل، واضطرت أن تضع تشريعاتها بما يتناسب مع حاجيات المجتمع الحديث ، وها قد حان الوقت لأن نحذو حذوها ، وأن نكسب هذه القوانين ميزات لا تقدر، إذ بالإمكان أن نستوحي من هذه التشريعات الاجنبية، لا بنقل نصوصها و أحكامها ، بل بأن نستقي من مبادئها و تطبيقاتها التي تساعد في تحقيق ما يرمي إليه هذا التشريع من معالجة ظاهرة التشرد والتخفيف من وطأته وكبح جماحها.