الحرب الباردة وإعادة تشكيل العالم من الاستقطاب الى الانفراج

الملخص

تناقش هذه الورقة العلمية الحرب الباردة كأحد أهم الصراعات الدولية في التاريخ الحديث، وتأثيرها العميق على إعادة تشكيل النظام الدولي على مدار أكثر من أربعة عقود (1947–1991) وما بعدها. تبدأ الدراسة بسرد تطور مرحلة الاستقطاب الدولي (1947–1962)، حيث تبلورت الثنائية القطبية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ونشأت التحالفات العسكرية والاقتصادية الكبرى التي هيمنت على العلاقات الدولية. ثم تستعرض مرحلة الانفراج وتوازن الرعب (1963–1979) التي شهدت جهوداً دبلوماسية لتخفيف حدة التوتر، بما في ذلك مفاوضات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، مما أتاح فترة نسبيّة من الاستقرار النسبي في النظام الدولي.

تنتقل الورقة بعد ذلك إلى مرحلة عودة التوتر وانهيار المعسكر الشرقي (1979–1991)، حيث شكلت سياسات الولايات المتحدة المتشددة وحرب أفغانستان والإصلاحات الداخلية في الاتحاد السوفييتي عوامل محورية أدت إلى انهيار المعسكر الشرقي وسقوط الاتحاد السوفييتي، منهية بذلك الحرب الباردة رسمياً. وأخيراً، تعرض الورقة إعادة تشكيل النظام الدولي بعد الحرب الباردة، والتي تميزت بصعود الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة، وانتشار العولمة الاقتصادية، وتغير طبيعة التهديدات الأمنية العالمية، وظهور قوى صاعدة جديدة مثل الصين والهند والاتحاد الأوروبي، ما دفع العالم نحو نظام دولي أكثر تعددية وتعقيداً

تخلص الدراسة إلى أن الحرب الباردة لم تكن مجرد صراع أيديولوجي بين دولتين، بل كانت عملية تاريخية أعادت رسم العلاقات الدولية ومفاهيم القوة والأمن والدبلوماسية على مستوى العالم، وما زالت انعكاساتها تتجلى في التحولات الجيوسياسية والأمنية والاقتصادية التي يشهدها العالم المعاصر. تهدف الورقة إلى تقديم تحليل متكامل للتغيرات الدولية في مراحل الحرب الباردة وما بعدها، مع التركيز على آثارها في النظام الدولي العربي والعالمي.